التعليقات الزكية على العقيدة الواسطية الجزء الثاني
2- الإيمان بالقيامة الكبرى وما يجري فيها
[وتقوم القيامة التي أخبر الله بها في كتابه، وعلى لسان رسوله، وأجمع عليها المسلمون.
فيقوم الناس من قبورهم لرب العالمين حفاة عراة غرلاً ، وتدنو منهم الشمس، ويلجمهم العرق.
فتنصب الموزاين، فتوزن بها أعمال العباد رسم> فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ قرآن>
رسم> [المؤمنون: 102، 103] آية> .
وتنشر الدواوين، وهي صحائف الأعمال ، فآخذ كتابه بيمينه، وآخذ كتابه بشماله أو من وراء ظهره ؛ كما قال سبحانه وتعالى: رسم> وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا قرآن>
رسم> [الإسراء: 13، 14]. آية>
وقد ذكر الله النفخ في الصور في القرآن في عدة مواضع.
والصور: قيل إنه قرن كبير ينفخ فيه إسرافيل بأمر الله تعالى ثلاث نفخات نفخة الفزع، ونفخة الصعق، ونفخة البعث أو القيام.
ومن العلماء من يقول: إن نفخة الفزع تطول حتى يكون في آخرها الموت، فهي نفخة واحدة أولها فزع وآخرها صعق. ثم نفخة البعث وهي التي تحيا بها الأبدان.
وورد في بعض الآثار أن الله تعالى ينزل من السماء مطرًا كمني الرجال، وأنه مطر غليظ تنبت له الأجسام، فإذا نبتت الأجسام وجمعها الله وتكاملت؛ أذن الله في النفخ في الصور، فتأتي كل روح إلى بدنها ويحيى بإذن الله، وليس في ذلك عجب، فالله تعالى على كل شيء قدير.
وقد حكى الله قصة بقوله : رسم>
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
فإذا أذن الله بجمع الأجساد، وبالنفخ في الصور، وبدخول الأرواح في أجسادها، حينئذ قام الناس من قبورهم، وخرجوا ينفضون التراب والغبار عن رءوسهم، وساروا إلى الموقف، وقامت القيامة التي سماها الله بعدة أسماء: سماها بالطامة الكبرى، وسماها بالصاخة، وسماها القارعة والحاقة وما أشبهها؛ وذلك لأهميتها وثبوتها ولا بد، كما قال الله تعالى: رسم>
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
![لحديث ابن عباس رضي الله عنه الذي في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إنكم محشورون حفاة، عراة، غرلا: </رسم> كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ </رسم> وإن أول من يكسى إبراهيم . أخرجه البخاري برقم (3349) في الأنبياء، باب: قول الله تعالى: </رسم> وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا </رسم> . ومسلم برقم (2860) <Taya> [ 58 ] </Taya> في الجنة، باب: فناء الدنيا وبيان الحشر يوم القيامة.](/site/books.png)
![لحديث عبد الله بن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يحشر الله الخلائق يوم القيامة حفاة عراة بهما... الحديث. أخرجه البخاري في الأدب برقم ( 970) وفي التاريخ الكبير (7 / 169)، وأحمد في المسند (3 / 495) والبيهقي في الأسماء والصفات رقم (131، 600)، والحاكم في المستدرك (2 / 437، 438) و (4 / 574، 575) وصححه و وافقه الذهبي، وأخرجه ابن أبي عاصم في السنة (1 / 225) وصححه الألباني في تخريج السنة، وهو في صحيح الأدب المفرد برقم (746) وقال: حسن.](/site/books.png)
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
ثم يتوجهون إلى المحشر، وبعد ذلك يأذن الله تعالى في جمعهم، ويطول الموقف، وتدنو الشمس منهم، ويزاد في حرها، ويلجمهم العرق لشدة الموقف، فمنهم من يبلغ العرق إلى كعبيه، ومنهم من يبلغ العرق إلى ركبتيه، ومنهم من يبلغ إلى حقويه، ومنهم من يبلغ إلى ثدييه، ومنهم من يبلغ إلى منكبيه، ومنهم من يلجمه العرق إلجامًا، أي يصل إلى فمه، ذلك كله بقدر أعمالهم، وبقدر ذنوبهم. وذكر الله تعالى أنه يوم طويل فقال تعالى: رسم>
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
*قوله: (فتنصب الموازين، فتوزن بها أعمال العباد رسم>
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
فأولا : تنصب الموازين القسط التي ذكرها الله تعالى في عدة آيات. قال الله تعالى: رسم>
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
وقال تعالى: رسم>
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
قيل إن الذي يوزن هو الإنسان نفسه، فيوضع في الميزان، فتارة يخف وتارة يثقل. قال تعالى: رسم>
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
![أخرجه البخاري برقم (4729) في التفسير <Taya> [سورة الكهف] </Taya> باب: </رسم> أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ </رسم> ومسلم برقم (2785) في صفات المنافقين عن أبي هريرة رضي الله.](/site/books.png)
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
![أخرجه أحمد في المسند (1 / 420، 421). قال أحمد شاكر (3991): إسناده صحيح.](/site/books.png)
وقيل: توزن صحف الأعمال التي كتبت فيها فتخف إذا كانت أعمالا سيئة، وتثقل إذا كانت أعمالا صالحة، ودليل ذلك حديث البطاقة، ذكر النبي صلى الله عليه وسلم رسم>
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
![حديث البطاقة أخرجه الترمذي برقم (2639، في الإيمان. وابن ماجه برقم (0 430) في الزهد. وأحمد في المسند (2 / 213) والحاكم في المستدرك (1 / 529). وقال الترمذي: حديث حسن غريب. وقال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي وصححه الألباني وهو في صحيح الجامع برقم (1776) وسلسلة الأحاديث الصحيحة برقم (135) وقال أحمد شاكر (1994): إسناده صحيح.](/site/books.png)
فهذا دليل على أن الصحف تُوزن، وأن ثقلها وخِفتها بحسب صلاح قلب العامل وصدقه فيها أو عدم ذلك.
وهناك مَن يقول: إن الأعمال تُجَسَّد فتكون أجسادًا، والله تعالى قادر على أن يقلب الأعراض أجسادًا، فيجعل الصلاة شيئًا محسوسًا، ولو كانت عرضا، وكذلك الكلام ولو كان عرضا وليس له جرم، ولكن يجسده الله ويجعل له جرما يخف ويثقل.
يقول النبي صلى الله عليه وسلم : رسم>
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
![أخرجه مسلم برقم (223) في الطهارة.](/site/books.png)
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
![أخرجه البخاري برقم (6682) في الأيمان والنذور، باب: إذا قال: والله لا أتكلم اليوم... . ومسلم برقم (2694) في الذكر و الدعاء، باب: فضل التهليل والتسبيح والدعاء. عن أبي هريرة رضي الله عنه.](/site/books.png)
ولا شك أن معرفة هذه الأشياء والإيمان بها له تأثير على العبد، فإذا صدقت بأن هناك وزنًا، حملك على أن تستعد لذلك؛ لأن الله تعالى يقول في هذه الآية: رسم>
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
وهذا كله دليل على أن هناك وزنًا حقيقيًّا ؛ فالمسلم الذي يؤمن بذلك يستكثر من الأعمال الصالحة التي يثقل بها ميزانه، وإذا استكثر منها حرص على أن تكون أعماله صالحة صادقة، صادرة من صميم قلبه، فإن ثقل الأعمال وخفتها يختلف بحسب إخلاص العامل وإخلاص نيته.
ثانيا: تنشر الدواوين؟ وهي صحائف الأعمال التي كتبت فيها، فآخذ كتابه بيمينه، وآخذ كتابه بشماله أو من وراء ظهره، وكل ذلك مما فصله الله تعالى في القرآن. قيل: إن هذا الكتاب بطاقة فيها بشارة للإنسان بأنه سعيد؛ بطاقة مكتوب فيها: هذا كتاب من الله لفلان بن فلان، أدخلوه جنة عالية قطوفها دانية. وأنه يستبشر ويفرح، وكل من لقيه يقول: رسم>
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
وأما من أوتي كتابه بشماله أو من وراء ظهره فإنه- كما ذكر الله- رسم>
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
وقيل: إن المراد بالكتاب هنا هو الكتاب الذي سجلت فيه الأعمال كلها، وصحائف الأعمال كلها. ودليل ذلك قوله تعالى: رسم>
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
فدل على أنه يؤتى الكتاب الذي احتوى على أعماله كلها، دقيقها وجليلها، فيقرأه ويتفقده ولا يفقد منه شيئًا.
كما أخبر الله عن المجرمين أنهم يقولون: رسم>
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
فإذا آمن الإنسان أن أعماله مكتوبة ومحصاة عليه، وأنه سيعرض عليه كتابه وأنه لا يقدر على أن ينكر شيئًا، وأنه إن أنكر؛ شهدت عليه الملائكة الكرام الكاتبون الحافظون، وكذلك أيضًا شهدت عليه جوارحه. قال تعالى: رسم>
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
![](/images/b2.gif)
![](/images/b1.gif)
مسألة>